الإخبارية اللبنانية

أخبار لبنان والعالم

لإعلاناتكم التواصل
معنا على الرقم
03109558

أخبار سياسية - محلية وعالمية

الجعاجِعة بين ذاكرة الحرب ومشروع الحاضر

الجعاجِعة بين ذاكرة الحرب ومشروع الحاضر

كتب علي شفيق مرتضى

 

سمير جعجع ليس اسماً عابراً في الذاكرة اللبنانية، بل صفحة مليئة بالتناقضات والدم والجدل. من زمن الحرب الأهلية إلى زمن السياسة، بقي الرجل يحمل إرثاً ثقيلاً لم يُمحَ مهما حاول تلميعه. فالتاريخ لا ينسى مشاهد الإقتتال في الداخل والإغتيالات وقتل ضباط وأفراد الجيش اللبناني وتفجير الكنائس والذبح على الهوية، ولا يغفل عن الأدوار التي بدّلت البندقية بالشعارات الجوفاء دون أن تتبدّل الذهنية.

اليوم، يعود جعجع إلى المشهد محاطاً بخطابٍ يبدو ديمقراطياً في المظهر، لكنه في الجوهر يكرّر منطق التعطيل والابتزاز السياسي والإغتيال للدستور . فمن يعطّل جلسات البرلمان، ويضع شروطه فوق الدستور، ويقيس الوطن بميزان أجندته المشبوهة اصلا، إنما يمدّ خيوط الماضي إلى حاضرٍ يُفترض أنه تَعَلَّم من الجراح.

في المقابل، سطّرت المقاومة اللبنانية فصلاً مختلفاً في هذا التاريخ، لا بالبيانات ولا بالمزايدات، بل بالفعل الميداني والدفاع عن الأرض والكرامة. هي التي واجهت الاحتلال، وقدّمت نموذجاً صاغ وجدان الناس في الجنوب والبقاع والضاحية، وجعل من كلمة «صمود» جزءاً من هوية لبنان الحديثة وزرعت رياحين دماء شهدائها ليحيا لبنان.

المقارنة ليست بين الأشخاص، بل بين نهجين: نهجٌ يرى في الوطن مساحة إتجار بالهوية عبر تنفيذ الأجندات المشبوهة ب “جعجعات” خارجية، ونهجٌ يراه أمانةً تُحمى بالدم والتضحيات. وبين من يريد أن يعطّل الدولة في الحرج، ومن حماها في زمن الحرب، تظهر بوضوح هوية من يخدم لبنان ومن يستهلكه شعاراً لا يخدم إلا أعداء لبنان.

إن ما يجري اليوم من محاولات لشلّ المؤسسات وتعطيل الاستحقاقات الدستورية ليس سوى امتدادٍ لمنهجٍ قديمٍ في التخريب والتعطيل والمراهنة على الخارج. لكنّ الزمن تغيّر، والناس باتوا يملكون ذاكرة لا تُشترى.

جعجع يريد تأجيل الإنتخابات ظناً منه أن طول الوقت يوهن بيئة المقاومة التي يعمل اعداء لبنان على فصلها عن حاضنتها بشتى الوسائل ، ولأن الطبخة الإنفصالية لم تنضج بعد ، يراهن “جعجعنا” هذا على الوقت والتأجيل.

فليعلم من يضع مصلحة أجندته فوق مصلحة الوطن أن التاريخ لا يرحم، وأن محاولات الهروب من الماضي لا تمحو آثاره. فالتاريخ لا يُكتب بالحبر السياسي، بل بدماء من دافعوا عن لبنان ليبقى وطناً نهائياً لجميع أبنائه.

#لبنان_وطن_نهائي_لجميع_أبنائه

شارك الخبر
error: !!