تعثر انقلاب لبنان أعاد خلط أوراق تشكيل الحكومة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم يكن ما حصل في لبنان خلال الاسبوعين الماضيين خيارا داخليا صرفا نابع عن قناعة القوى السياسية المنقسمة ، والتي سارت خلف قرار خارجي مهد الطريق لتغيير في لبنان اشبهب انقلاب سياسي بناء على نتائج الحرب مع العدو الاسرائيلي وفق معايير اليمين اللبناني الذي راهن على انتصار العدو وعلى لسان رئيس القوات سمير جعجع في ذروة الحرب وهول مجازر العدو، اعتبر رئيس المعارضة ومرجعها ان خسارة المقاومة اللبنانية خطوة تسهم في بناء مشروع الدولة متماهيا مع العدو الاسرائيلي بوقاحة وبلا مواربة، حتى قبل زلزال سوريا الذي قلب توازنات الداخل اللبناني وقالت العصر السعودية كلمتها التي خط حروفها الأميركي وترجمت تسوية متكاملة استكمالا لاتفاق الهدنة بين لبنان والعدو الاسرائيلي، وسرعان ما انقلب الخارج عليها ليتبعه الداخل بخطوة سجلت في حساب العهد الجديد الذي تأمل فيه معظم اللبنانيين خيرا معتبرينه خشبة خلاص من جحيم اسود استوطن حياتهم منذ سنوات أزمات من سياسية مالية أمنية وفراغ سياسي وحرب إسرائيلية بوقت انشغال العالم كله وخشيته من حرب إقليمية تتحول دولية
وفي خطوة مريبة على مستوى الوطن وغير محسوبة بالسياسة ضربت الميثاق والاعراف تنفيذا لاوامر الخارج لحسابات ابعد من الوطن، بمغامرة أوصلت لبنان مرحلة انقلاب تجاوز حدود تفاهم دولي او ميثاقية مكرثة وأعراف حكمت الداخل لعقود ، مؤمرة جمعت خصوم الامس مع أعداء الماضي على مائدة فرض واقع هدفة تغيير هوية لبنان لتجريده من اهم نقاط قوته ومحاصرة المقاومة بضرب الوحدة الوطنية التي سقطت لحظة تكليف رئيس حكومة لا يتناسب مع هوية لبنان الحالية في سجله طعنات للوطن أصابت جسد المقاومة، ساهمت بتصنيفها على لوائح الإرهاب ، وهو عينه عندما كان ممثل لبنان بالامم المتحدة ورط لبنان بابقاء النازحين السوريين في لبنان خلافا لقرار وزير الخارجية عندما كان سفير تم تعيينه من خارج الملاك ونفذ تعليمات رئيس الحكومة فؤاد السنيورة متجاوزا قرار مجلس الوزراء اللبناني التزاما بخيار مرجعيته السياسية وكيديتها السياسية التي قادتها للسير بمشروع سمير جعجع المدان باعتبال رئيس حكومة لبنان الشهيد رشيد كرامي والمؤسف أن ولي الدم ركب موجة نواف سلام اذعانا لاوامر سعودية تريد الامساك بملف لبنان
وبالرغم من التعاطي الإيجابي الذي أبداه الثنائى الوطني الشيعي، إلا أن طلائع الانتداب بدأت تظهر على مسار المرحلة من بوابة العهد الجديد وعبر نافذه تكليف ضرب كل الثوابت ونقظ التفاهمات بالسعي لتشكيل حكومة حرب داخلية تبني حساباتها على املاءات الخارج وما يحتاجه مشروع طمس معالم المقاومة وتطويقها، بحكومة مواجهة سلاح المقاومة وخلق تكتل نيابي كبير يغطي بيان وزاري خطوطه العريضة تحاكي مشاريع تعزف على وتر ولانماء لحن محاربة الفساد وأنها حكومة ظرف استثنائي يحق لها ما لا يحقّ لغيرها،قرارات وهامش تحرك وحق تشريع بدأ من توزيع الحقائب السيادية وذريعة المداورة، الا أن حقيقة ما يجرى مناورة سياسية تقود لبنان الى حظيرة التطبيع متجاوزا حتى مبدأ الحياد الذي يتناسب مع لبنان بوجود العدو الاسرائيلي، الذي تحول لاعبا على الساحة المحلية بأسماء متداولة في بازار التكيف والتاليف لم يخفوا تقاطعهم مع العدو الصهيوني وسعيهم للسلام معه وهم على لائحة تولي حقائب وزارية وهذا بحد ذاته يفتح باب جحيم الداخل في الشارع وربما هذا الاحتمال غائب عن كتل سياسية منغمسة في مشروع الانقلاب وقوى اخرى انصاعت لمعايير مذهبية إلا أن الوقائع تؤكد أن ما جرى لن يساعد رئيس الحكومة المكلف ووضعه امام إشكالية ميثاقية يعمل على تجاوزها وهذا يوجب عليه إرضاء طرف سياسي على حساب طرف آخر، ودترجمتها فرض أسماء تلبس الحكومة المنتظرة ثوبا سياسي من لون غربي يحمل مشروعا أميركيا، بقناع حكومة من خارج الميثاقية يرأسها نواف سلام ظهرت ملامحها بتسريب مسودة حكومية فيها اسماء تعطي صورة عن شكل حكومة تلاقي اعتراضًا كبيرا وعميقا قبل أن تبدأ ، رغم أنها شكلت صدمة لكتل سياسية واستفزت مكون وطني دافع عن كل الوطن ولم يصرف انتصاراته في الداخل اللبناني يوما، الا ان البعض يعتبر الفرصة مناسبة لتغيبر توازنات الداخل اللبناني لتقاطعها مع الخارج الذي يترقّب طبخة الحكومية وهوية مكّوناتها، وقد اسدى نصائح للرئيس المكلف بعدم التسرع طالبا منه طمئنة الداخل لتجنيب لبنان هزات قد تتدحرج مواجهات في مرحلة مطلوب فيها التهدئة ووتلقى الرىيس المكلف نصيحة عربية السعي لتوسعة مشاوراته لازالة عقبات الداخل وانهاء تحفظات عليه لا يمكن إهمالها ،لأنها قد تدخل لبنان في المجهول وتقطع الطريق على أي دعم مالي مستقبلي للبنان ، فهل سيتابع الرىيس المكلف تحديه أم أن التريث ثمة المرحلة بانتظار متغيرات خارجية تفرض نفسها على الداخل
د محمد هزبمة
كاتب سياسي وباحث استراتيجي