الإخبارية اللبنانية

أخبار لبنان والعالم

أخبار سياسية - محلية وعالمية

حسابات الربح والخسارة

حسابات الربح والخسارة

بقلم حمزة العطار

انجلت غبار معركتين في جبهتين متواصلتين رغم كل ما قيل ويقال عن فك الترابط والتكامل بين جبهات المحور كاملة . جبهة لبنان التي شهدت حرباً لم يشابهها حروب سابقة لجهة قساوتها وكثير تدميرها وضحاياها، وجبهة غزة التي شابهت لبنان في كل شيء، من نزف في الأرواح ودمارٍ كبير والكثير من كل شيء أسود صبغت به إسرائيل ومعها كثير من الغرب وأميركا، سوداوية مشهديته، لتنتهي جبهة لبنان بعد ما يزيد عن الشهرين بقليل، وجبهة غزة بعد ما ينقص عن ال ٥٠٠ يوم بقليل، تاركة، في الجبهتين دروساً، عَبَراتٍ وعِبَر، أكثر ما عرف هذه العِبَر وفهمها جيداً كانت أميركا ثم اسرائيل .
ما إن هدأت نيران جبهة لبنان، لتعود جبهة غزة بعد أقل من شهرين، تتجه نحو الهدوء، إلا بدأنا نسمع كثيراً من تحليلات سياسية، وأخرى عسكرية، تتكلم عن معادلات جديدة خلّفتها تلك الحروب وعن إنكسار في محور صنعته اسرائيل، مستذكرة خطاب نتنياهو الشهير في الأمم المتحدة، بل خطاباته المتعددة التي تحدثت عن ولادة شرق أوسط جديد وتغيير خرائط، كما أحبوا وسعوا دائماً، من لبنان الى فلسطين، مروراً بسوريا واليمن، دون الغفلة عن ايران والعراق .
القارىء، لصفحات الأحداث ومجرياتها، بتمعن وحيادية وربطٍ لكل ما جرى ويجري، يستسخف قول البعض منهم، بل يستحقره وأكثر، أنْ هل وصلت بكم ثقافة دراسة الأحداث ومجريات الأمور الى هكذا اجتهادات ؟! .
حقاً لا بد من الشفقة على بعض صغار العقول، واستهزاءٍ بما وصلت اليه تحليلاتهم السطحية .
قد يسأل البعض، بسوء أو بحسن نية، أن كيف هذا التفاؤل بعد هول ما رأيناه من تدمير وقتل وتهجير وغيره، وهي مؤشرات واضحة على انتصار بيّن لإسرائيل في وجه الجبهات السبع التي تحدث عنها نتنياهو مع مشاهد الدمار والخراب التي شهدها لبنان وغزة ومجريات الأمور التي حصلت وتبدل بعض أنظمة كانت تُعتبر من صُلب ركائز محور المقاومة، سوريا مثلاً، الى مكان آخر، ونقل التوجه والتواصل، بل التبعية، ربما نحو المحور الآخر . ألا تدل هذه المؤشرات على هزيمة ساحقة لهذا المحور في وجه انتصار كبير للمحور الآخر، إسرائيل تحديداً ؟
حقيقة، الأمور لا تحتاج لكثير شرح، ولا تحتاج لخبرات عسكرية وقيادات أركانية، تشرح مبينة الرابح من الخاسر، جل ما تحتاجه، لبعض بصر بل بصيرة، تودي بنا نحو النتيجة الواضحة .
كيف ذلك ؟!
في علوم العسكر والانتصارات والهزائم، لا تُقاس النتائج، بحجم التدمير وعداد الضحايا، لتذهب بنتيجة الربح الى من دمر وأمعن قتلاً بأعداد كبيرة، بل تكون المعادلة أبسط من ذلك بكثير .
المعادلة في حساب الربح والخسران، تنشأ من تحقيق لأهداف وضعت ورُسمت، من عدمها، وهنا يبرز النقاش ويطول الحديث، وتظهر الخاتمة المرجوة، معلنة المنتصر من المهزوم .
بحسابات بسيطة وسطحية ودونما جهد في الغوص بخفايا الأمور وبواطنها . فقط الإكتفاء بالظاهر وبعض الباطن الذي ظهر، يرسم بوضوح صورة كل ما جرى، مستدلاً على ترتيبات من فاز ومن خسر .
بداية ومنذ ما يقارب السنة ونيف، حينما جاء الطوفان بعملية نوعية خلّفت أعداداً لم يسبق لإسرائيل فقدانها في نفس الوقت من قتلى وجرحى وأسرى، ثم الإعلان أن لا عودة لهؤلاء الأسرى، إلا بتبادل عبر تفاوض غير مباشر . لتكر بعدها سبحة الأحداث من توحش صهيوني وإسناد غربي وبعض عربي بكل ما أمكن أن يساند به كيلا تذهب هالة إسرائيل نتيجة ما لحق بها في أحداث السابع من تشرين الماضي، في مقابل تكاتف صريح وواضح، قولاً وفعلاً لمحور المقاومة، بغية إسناد غزة وتثبيت أحقيتها بإستعادة أسراها ومعتقليها .
وباتت الجبهات مشتعلة براً وبحراً وجواً، وحصيلة كانت كبيرة، وفاتورة…

شارك الخبر
error: !!