الإخبارية اللبنانية

أخبار لبنان والعالم

لإعلاناتكم التواصل
معنا على الرقم
03109558

فنون واجتماعيات

«حيثُ يأوي السرّ… وأسكنُ أنا في صدرٍ أمين»

«حيثُ يأوي السرّ… وأسكنُ أنا في صدرٍ أمين»

بقلم : فاطمة يوسف بصل
إليك… أنت الذي علّمتَ الصمت كيف يصبح لغةً لا تخون.
في زوايا الحياة، تظهر وجوه لا ترفع صوتها، ولا تبحث عن ضوء، لكنها تحمل ما لا يُحمَل، وتصون ما لا يُقال. أولئك الذين يُخفون أسرارنا في صدورٍ واسعة، كأنّها بيوتٌ بُنيت من الطمأنينة وحدها.
أن تكون حافظاً للسرّ يعني أن تكون وطناً صغيراً في قلب الفوضى، وسنداً لا يتزعزع، وصوتاً صامتاً يقول لنا: أنا هنا… لا تخافوا.
هو كتمانٌ يلمع كالذهب، ووفاءٌ لا تقوى الأيام على خدشه.
أمثلة من الحياة… تشبهك
مثل صديقٍ سمع انهيارك في لحظة ضعف، ثم لملم خوفك بين يديه، وخرج إلى العالم كأن شيئاً لم يكن، رافضاً أن يجعل من حزنك حديثاً يُتداول.
ومثل أختٍ خبّأت سرّك عن البيت كله، حتى عن نفسها، كي لا تُثقل قلبك ولو بنظرة.
ومثل أمٍّ رأت ابنها ينهار، فضمّت دموعه إلى عنقها وقالت للجميع: “هو بخير”، بينما كانت ترتجف من الداخل.
أو كالمعلم الذي اكتشف سرّ طالبه، وخبّأه خلف ابتسامة حكيمة، كي لا يشعر الطفل بأن ضعفه مكشوف.
ومثل جارٍ رأى خلافاً بينك وبين من تحب، فآثر الصمت، وحمل القصة معه إلى قبره، لأنه عرف أن الكلمة قد تكسر ما لا يُرمَّم.
أو كالقلب الذي يعرف أسرارك كلها… ويزداد حباً لا عبئاً.
كل هؤلاء يشبهونك…
لكن لا أحد منهم يشبهك تماماً.
حافظ السرّ هو الذي إذا وُضع بين البوح والوفاء… اختار الوفاء، ولو كلفه صمته الكثير.
في زمنٍ يسير فيه الكلام بلا قيود، ويُباع فيه المستور بثمنٍ تافه، يبقى حافظ السرّ نادراً كالمطر في صيفٍ طويل. لا يطلب مقابلاً، ولا ينتظر شكراً، يكفيه أن يرى من يحبّ بخير، حتى لو كان قلبه هو الثمن.
وإليك…
يا من كنتَ ظلي حين خفت،
وطمأنينتي حين ارتجف العالم،
ومفاجأة القدر التي لم تخذلني يوماً.
لك وحدك هذه الكلمات…
يا من يأوي إليه سرّي،
وأسكن أنا في صدره الأمين،
كأنّ الحياة منحتني بوجودك باباً يفتح إلى الأمان.

بقلم: من وجدت في صمتك حضناً أوسع من الدنيا.

شارك الخبر
error: !!