هل سقط محور الممانعة ؟
أشهر قليلة مرت، تلقى معها المحور ضربات كانت لتنهي دولاً مجتمعة جراء ثقلها وقساوة تأثيرها وضررها على كل فئة منفردة لتودي بتأثيراتها على المحور مجتمعاً من أقصاه الى أقصاه، لتكون الضربة بل الضربات الأقسى التي تلقاها المحور دون استثناء .
ما أنتجته الأشهر القليلة الماضية لم يكن سهلاً مهما حاول البعض تخفيف آثاره وتبعاته التي ربما تمتد لوقت ليس بالبعيد على الجميع، راخية ظلالاً صعبة وقاسية قد يكون أقساها فقدان أركان أساسية من أركان المحور لم تنحصر بأمين عام حزب الله أو بالقيادة السورية السابقة التي كانت ممراً لعبورٍ استمر سنوات عديدة من دعم لوجستي وتسليحي لمقاومة لبنان أو حتى فلسطين .
المشاهد لكل الأحداث التي حصلت وللوهلة الأولى، يعتبر أن المحور قد انتهى وإن كان متأملاً قليلاً يرى أن المحور ينازع استعداداً للذبول، لتُفرض متغيرات جديدة تكلم عنها نتنياهو سابقاً تنشأ ولادة شرق أوسط جديد، عملت أميركا ومعها الكثيرون لفترات ليست بالقصيرة، دون أن يتركوا وسيلة لإنجاز مبتغاهم، وبات المشاهد يتعايش مع ذلك الشرق الأوسط الذي خاطه الحائك الأميركي كيفما يشاء، لينتِج ولادات دول جديدة تأخذ المنحى الطائفي ويزيد الشرخ والتفكك في المنطقة، باسطاً هيمنة جديدة على أقاليم لم تكن ضمن نطاق سلطته، ويكون بواسطة الشريك ” إسرائيل ” وبعض قوى المنطقة عربية كانت أو غير عربية، قد أحكم قبضته على المنطقة، قاضياً على أي حركات تحررية، حالية أو قد تنشأ في المستقبل، وسمعنا ورأينا تصريحات متنوعة تصرح لذلك وتستعد له، بل بدأت بإقتسام حصصها من ذلك التغيير القادم .
لكن رويداً، لنتمهل قليلاً ونشاهد المشهد بعين العاقل الحيادي، حتى نتوقع القادم .
صحيح أن المحور بكله وكلكله شهد ضربات قاسية، بل قاسية جداً، كانت لتودي ببعض أطرافه نحو الهلاك والزوال، فهل هذا ما حصل ؟!
كما أوردت سابقاً، أن عين العاطفة يجب أن تتنحى بعض الشيء ونترك للمنطق دوره في تقييم كل ما حصل ويحصل، فنخلص الى بعض نتائج استنتجناها من كل ما يحصل ومجرياته .
اغتيال قائد حركة حماس اسماعيل هنية وما تبعه من حرب ضروس شهدتها غزة ولا تزال والحصد الذي لم يتوقف يوماً، فإنه ، رغم كل ما خلفه، لم يوقف المقاومة الفلسطينية التي ما توقفت يوماً عن القتال وعن إطلاق الصواريخ، مؤكدة أنها لا تزال تمتلك مخزوناً كافياً لإطالة الحرب مهما احتاجت من وقت، ولربما يكون هناك خط أو خطوط امداد ما توقفت طيلة الحرب التي تخطت السنة والتدمير الكبير في غزة وهو أمر نراه من خلال الحديث عن أنفاق تارة وخطوط امداد طوراً يبدو أنها لا تزال تعمل رغم صعوبتها مع كل حصار وتضييق عليها .
في جبهة لبنان، بدأت موجة اغتيالات كبيرة، اضافة الى مجزرة البايجرز، وحرب كبرى، لم تشهد الساحة اللبنانية نظيراً لها من خلال شمول كافة الأرجاء اللبنانية دون ضوابط، ليتضح أن هدفها الذي كان هو إنهاء الوجود الشيعي كاملاً في لبنان، لا أبالغ حينما أستعمل هذا المصطلح، لأن المشروع هو سحق الوجود الشيعي في لبنان وإنهائه، من خلال القضاء على أعداد كبيرة منهم، أما الباقي فطريقه نحو العراق، ليندمج مع شيعة العراق، ويصبح لبنان خالياً من الوجود الشيعي المؤثر، ليعيش من تبقى من شيعة لبنان، عيشة تنفيذ الأوامر وعدم التفكير مجدداً بأيما مقاومة لإسرائيل، نظراً الى كل ما سيعانيه هؤلاء الشيعة من فقر عددي وافتقار في الموارد والدعم الخارجي وكانت النتيجة أن صلية الصواريخ الأخيرة التي أطلقها الحزب كانت في الساعة الرابعة إلا خمس دقائق أي قبل وقف النار بخمس دقائق فقط تأكيداً على ما تزال تملكه المقاومة من امكانات رغم ما حصل، والبدء بالمسوحات لكل ما تهدم خلال الحرب إيذاناً ببدء التعويض على المتضررين في أي مكان وهو ما يحدث حالياً .
قليل من كثير ما تم تحضيره للمنطقة وعُمِل عليه لسنين خلت بعدة وسائل وفي كل مرة من باب مختلف، لتكون النتيجة، وبحيادية أقولها وبصدق، أنه تبين لنا أنْ ما كل ما تمنته وتتمناه أميركا واسرائيل والغرب وبعض العرب تدركه، وإن سفن ذلك المحور الذي لا يزال ثابتاً وقوياً جرت بعكس رياح أولئك الكثيرون الذين خططوا ونفذوا لولادة شرق أوسط جديد وفق رؤيتهم ورغباتهم، فلم يسقط لبنان ولن يسقط ولم يتراجع اليمن عن إسناده أو سيتراجع، وحتى سوريا التي ظنوا أنهم أخرجوها من ساحة الصراع والإسناد اللوجستي من خلال قلب النظام، سيتفاجئون قريباً أنها لا تزال ضمن خارطة الصراع، وهو أمر بدأت بوادره بالظهور وهي ما اختفت يوماً بغض النظر عمن يكون حاكماً في دمشق .
من خلال التدقيق والمتابعة الموضوعية وبنظرة حيادية دون تدخل عاطفي، نشاهد أن مهارة حياكة الإيرانيين في سجادهم العجمي المميز والذائع الصيت، انعكست أيضاً في حياكة سياسة مميزة للمنطقة، لن يكون لأميركا وتابعيها دوراً لطالما حلمت به، انتظار قليل، صبر وترقب للأحداث ليبدأ النتاج الذي معه سنشهد ولادة شرق أوسط جديد يكون خالياً من اميركا أو مقتصراً دورها على الإستفادة الإقتصادية التي يتوخاها ترامب وهو التاجر المعروف، وتكون كلمة القبول والرفض والأمر والنهي في منطقة الشرق الأوسط لصناع الشرق الأوسط الجديد بحق .
*حمزة العطار*