الإخبارية اللبنانية

أخبار لبنان والعالم

أخبار سياسية - محلية وعالمية

هل وجد متضررو العدوان الإسرائيلي في شركات التأمين الملاذ الآمن؟

هل وجد متضررو العدوان الإسرائيلي في شركات التأمين الملاذ الآمن؟

 

بقلم الأستاذ والباحث القانوني يوسف حنا الخوري

مشهد الدمار المروع الذي طال معظم قرى الجنوب والبقاع ومدن الضاحية الجنوبية يقترب في سواده من صورة إنفجار 4 آب المأساوية التي أحاطت بالعاصمة بيروت وضواحيها. إلا أن هذا الدمار يختلف في وضوح مسبّبه: أنها الحرب الإسرائيلية الهمجية، حيث شن العدو الإسرائيلية عدواناً بالغارات الجوية التي لم تترك حجراً على حجر في مناطق واسعة من جنوب البلاد حتى شماله، إمتداداً إلى عاصمته، وصولاً إلى بقاعه وجبله.
كل ذلك دفع العديد من المنكوبين الذين يملكون عقوداً تأمينية تحمي حياتهم وممتلكاتهم بالعودة والإستغاثة بشركاتهم التأمينية لمساعدتهم وتعويضهم بعضاً من خسائرهم الفادحة.
على عكس ما حصل في إنفجار مرفاء بيروت 4 آب 2020، إن العدوان الإسرائيلي اليوم على لبنان يوصف بحالة الحرب بإعتراف العدو قبل الصديق.
فقد تمنعت العديد من شركات التأمين من دفع التعويضات المستحقة لمتضررو إنفجار 4 آب، بحجة أنها تستثني الأضرار الناتجة عن هذه الأعمال من نطاق تغطيتها. وقامت شركات أخرى بصياغة تسوية بينها وبين المؤمن حتى وضوح الصورة … حيث طلب وزير الاقتصاد راؤول نعمة بتاريخ 8 نيسان عام 2021، من القاضي بيطار المحقق العدلي في هذه القضية، إصدار تقرير رسمي يخرج الأعمال الحربية والإرهابية من دائرة الأسباب التي أدت إلى وقوع الإنفجار حيث أن معظم ترتيبات إعادة التأمين تستثني الأعمال الحربية والأنشطة الإرهابية، وذلك من شأنه أن يسمح لمئات المواطنين المؤمنين من إصلاح منازلهم وإعادة إطلاق أعمالهم. ولغاية تاريخه لم يتحدد وصف الإنفجار إن كان عملاً إرهابياً أو إهمالاً من أحد الموظفين أو نتيجة إستهدافه بصاروخ من قبل العدو الإسرائيلي والكثير الكثير من الإحتمالات الأخرى.
في ظل العدوان الإسرائيلي الذي شهده لبنان وما ترتب عليه من تدهور في الوضع الأمني، تواجه شركات التأمين تحديات كبيرة. فتشير التقارير إلى أن شركات إعادة التأمين تلوح بإمكانية وقف تعاملها مع هذه الشركات، بينما يتوقع البعض أن تلجأ تلك الشركات إلى رفع أسعارها، وتعديل الشروط والتغطيات (مثلاً، إيقاف تغطية الوفاة خلال الحرب والتأمينات المرتبطة بأعمال الشغب …). يأتي ذلك في ظل مخاوف متزايدة لدى شركات إعادة التأمين بشأن التطورات في لبنان وتداعياتها المحتملة. ونظراً للعلاقة القوية والمتماسكة بين شركات التأمين في لبنان وشركات إعادة التأمين، فإن أي تشديد في شروط معيد التأمين سيجبر شركة التأمين على اتخاذ إجراءات مماثلة وتشديد شروطها على العملاء. فشركات التأمين اللبنانية تعتمد بشكل أساسي على دعم معيدي التأمين لتغطية المشاريع الضخمة التي تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات، سواء في مجالات تأمين المركبات، أو المباني، أو الممتلكات. ولا يمكنها العمل بفعالية دون تعاون معيد التأمين، الذي يتقاسم معها الأقساط ويتحمل جزءًا من المخاطر المرتبطة بالحوادث.
أظهر سوق التأمين اللبناني قدرته العالية على التكيف والمرونة في مواجهة التحديات والصعوبات التي مرت بها لبنان خلال السنوات الخمس الأخيرة. فقد تصدى هذا القطاع للأزمات المتتالية، بدءًا من ثورة 17 تشرين التي رافقتها الأزمة الاقتصادية وإنهيار العملة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي، فإنفجار مرفأ بيروت المأساوي وصولاً لجائحة covid-19 التي أنهكت القطاع الصحي. في هذه الظروف الصعبة، تعامل قطاع التأمين بسرعة وكفاءة عبر تحويل الأقساط إلى الدولار ثم إلى الدولار الفريش، ومراجعة الأسعار وتعديل التغطيات.
أمام هذه الوقائع التي فرضت نفسها على المواطن اللبناني المُنهك من الأزمات، بات من المحتمل أن يستفيق متضررو العدوان في يوم ما من “غفوة” النزوح ليكتشفوا أنهم يواجهون واقعاً مريراً يتمثل في إنعدام مصادر التعويض ونفاد الأموال المخصصة للإعمار. عندها، سيجدون أنفسهم في مواجهة مرارة “حِصاد” ما تم تبديده خلال فترة غفلة، حيث دفعهم الآخرون إلى طريقٍ ضاع فيه الأمل والفرص.

شارك الخبر
error: !!