شعب لبنان جسد بوحدته الانتصار وتفوق على انقسام السياسين وفتنه السفارات
——————————-
لم يبقَ طائر الفينيق أسطورة، بل حقيقة تجسدت في شعب نهض من رماد حرب ابادة يحمل رسالة حب الحياة لوطن رسالة وليس مجرد أرضً وشعبً ونظامً ، مجسّدا الثلاثة في وحدة قلّ نظيرها امام عاصفة معركة هوجاء، انتصرت فيها إرادة الصمود عند أبناء وطن الأرز على إدارة التوحش التي مارسها العدو الإسرائيلي لحرب إبادة على وطن الحرف وتاربخ الحضارة الراسخ في التاريخ المذكور في الكتب السماوية، المتشبث بوجوده حرًّا سيدًا مستقلًا.
وطن قهر الغازي وأخرج المحتل وبقى منارة في الشرق ودرة البحر، همزة وصل ليس فقط بين الشرق والغرب، وإنما بين الحاضر والماضي والمستقبل بفرادة قلّ نظيرها صنعها أبناؤه اللبنانيون الذين تشدّ لحمتهم الصعاب، توحدهم المصائب، وتشتد عزائمهم فيتجاوزون تبايناتهم في مواجهة أي خطر يهدّد وجودهم ويهز كيان وطنهم الذي يجمعون على حبه بعيدًا عن السياسة ومشاربها التقسيمية وتغيير الهوية تجريدة من ثوابته بمقدمها القضية الفلسطينة التي عجزت فيها العدو ومن معه عن إغراق سفينة وحدتهم وتمزيق أشرعتها بل وحوّلوها أجنحة بعثت فيهم روح والانتماء لوطنهم من جديد.
تجلّى ذلك بصورة معبّرة ووحدة أمام عدو مجرم مشهد عظيم لشعب أعظم، لم يكن يتوقعه الكثيرون أمام انقسام سياسي وصراع مشاريع وخلاف كبير تورط به الساسة والمرجعيات لكنه سقط صريعًا أمام شعب عظيم متفانٍ بوطنية، ترفع عن الصغائر مغرّدًا في سماء الإنسانية والانتماء ليكتب من جديد حروف انتصار على صفحات التاريخ، أن لبنان قوي بوحدة أبنائه وصمودهم أمام عواصف الحروب وتعاضدهم كأبناء الأمة اللبنانية المتجذرة مع شجرة الأرز، الراقدين على قيامة انتصار صنعوه بوحدتهم ومقاومتها واحتضان بعضهم البعض
حين لم تقف السياسة عائقًا بينهم بل كسروا حواجز وهمية أوجدتها تباينات المصالح، لكنها في الحرب جمعتهم ولم تفرقهم. وحدتهم في بيوت احتضنت صمودهم وأعطت للعالم كله درسًا أثبت وعي القاعدة الشعبية وحرص البيئة الاجتماعية وتفوقها في لبنان، ويشكلان نموذجًا للعالم كله حول كيفية العيش الحقيقي لأبناء الوطن، حيث يجتمع أبناؤه تحت مظلة كنائس ومساجد، ويُستقبَلون بقلوب مفتوحة بغض النظر عن مذاهبهم أو توجهاتهم الحزبية.
فكانت هذه أولى علامات الانتصار في جبهة الداخل، التي تعالت عن الصغائر وأكدت من جديد أن لبنان وطن الحرف، الذي صدّر يومًا الأبجدية من جبيل ليعلّم العالم، واليوم يعيد تعليم العالم كله كيف تكون الوطنية.
ومن جبيل وشقيقاتها في الوطن، دروس وعِبَر، استخلصنا منها قول السيد الشهيد حسن نصر الله، رضوان الله عليه، كما قالها قبله السيد المسيح، كلمة الله عليه السلام، وكتب عنها ناجي أمّهز وأعطاها الكثير: “ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم وخسر نفسه؟” وقدرنا أن نعيش مع بعضنا، وأن نغلق الأبواب على بعضنا. الكل يرحل ولبنان يبقى، ونحن فيه وأولادنا، فلنترك لهم وطنًا جميلًا. عسى أن يصل هذا إلى مسامع الكثيرين، وخاصة أصحاب المواقع القيادية في وطن قال عنه البابا إنه رسالة، ووصفه الإمام السيد موسى الصدر بأنه “لبنان أكبر من أن يُبتلع وأصغر من أن يُقسّم، فيه الطوائف نعمة والطائفية نقمة”. واليوم، لبنان وطن الرسالة انتصر على العدوان من جديد.