حرب غزة بين اعتناق الإسلام وحنق الرأي العام على أمريكا والصهاينة
د. يوسف حسن –
عقب أشهر من حرب الكيان الصهيوني على قطاع غزة وسقوط أكثر من 33 ألف شهيد جلّهم من النساء و الأطفال، لم يحقق هذا الكيان أي إنجاز كبير يذكر في تحقيق أهدافه العسكرية المتمثّلة بتدمير حماس، وتحرير أسراه، في وقت ما تزال ترزخ فيه غزة تحت رحمة هجمات مدمرة ومتواصلة على الأبرياء منذ 7 اكتوبر 2023.
لقد قلبت الصور المنشورة من غزة الرواية الكاذبة والمخاتلة التي كانت تقول بأن المسلمين يعتبرون تهديدا أمنيا ويسعون إلى العنف، فاليوم دون شك تعتبر شعوب العالم المسلمين الفسطينيين شعبا شامخاً وصامداً ومقاوماً بوجه الظلم، ويصبر أمام القهر والمعاناة التي لا يمكن تصورها، لا و بل يشهد العالم كيف يحمد هذا الشعب الله وهم يخرجون من تحت الركام والحطام المتولد على إثر القصف الصهيوني الاعمى.
أفضت هجمات الكيان الصهيوني علي غزة بعد عملية “طوفان الأقصى” إلى حدوث تحولات إيجابية بشكل غير متوقع في الموقف من الاسلام والمسلمين في العالم الغربي. ولذلك توجّه الكثير من مواطني تلك الدول نحو التعرف على الإسلام بعد رؤية محنة الفلسطيين في غزة. فقد اعتبر بعض المحللين توجه العديد من الشباب الغربيين نحو الإسلام بعد الهجمات الأخيرة للكيان الصهيوني على غزة بأنها ثورة على الغرب. ويرون في ظلّ الأجواء الماثلة التي نشهد فيها دخول العديد إلى الإسلام تمردا مناهضا للغرب ومناهضا للرأسمالية أيضاً.
ولم تك لتصل هذه الصورة السليمة لولا وسائل التواصل الإجتماعي التي لعب دورا هاما في تقديم هذه الصورة عن الإسلام والمسلمين. وباتت مواقع التواصل منصّة يرجع إليها الكثير للتعرف على الإسلام بعد رؤية محنة الفلسطينيين في غزة، حيث شهدت منصة “تيك توك” الإجتماعية زياده مطردة في مشاركات البث المباشر والمناقشات حول القرآن الكريم.
منذ مطلع شهر أكتوبر حققت مقاطع الفيديو التي استخدمت هاشتاغات حول الاسلام أكثر من 35 ميليار مشاهدة حول العالم، والمثير في الأمر أنها حصدت مليار مشاهدة في الولايات المتحدة لوحدها، و350 ميليون مشاهدة في كندا، وتتراوح أعمار معظم هؤلاء المشاهدين بين 18و24 عاماً.
كما تعاظمت النظرة المتعاطفة لدى الرأي العام الغربي تجاه موضوع فلسطين، وتزايد انعدم الثقة بأمريكا وطغيان هذه الدولة عالمياً، ناهيك عن أن التحول الكبير الذي طرأ على الرأي العام الغربي الداعم للكيان الصهيوني هو أحد نتائج حرب غزة الأخيرة. وبناء على ذلك كانت لأمريكا و حلفائها في الشرق الأوسط التي لها علاقات أفضل مع الكيان الصهيوني في السنوات القليلة الماضية إنخفاضا ملحوظاً في شعبيتها، أما الدول التي ظلت محايدة أو دعمت حماس فقد شهدت ارتفاعاً في معدلات التأييد لها. على سبيل المثال لا الحصر، تساوت شعبية القيادة في ايران مع شعبية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لا بل تجاوتها مؤخراً. ومن الواضح أنه بغض النظر عن فشل الكيان الصهيوني في عدوانه على غزة، إلاّ أنه من وجهة الرأي العام العالمي فـإن الطريقة التي أدارت بها الولايات المتحدة حرب غزة كانت لها تكلفة انتمائية باهظة بالنسبة لواشنطن.