نهاية الطائف بين اخطاء الماضي وأزمات الحاضر (١)
——————
بعد عاصفة سياسية ومواقف عالية النبرة حكمت المرحلة الماضية مع بداية الفراغ السياسي اشتدت على إيقاع الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية وما أعقبها من مواقف تقاذف التهم بين الأطراف وفي ظل انقسام عامودي لم يشهده لبنان منذ الحرب الأهلية التي بدأت بصراع مذهبي على خلفية سياسية وانتهت باتفاق دولي حكمته الظروف الدولية تم إخراجه في مدينة الطائف السعودية فوض سوريا الإشراف على تنفيذه وتامين ظروف الحكم المناسبة له بدعم دولي امريكي- غربي ورعاية عربية لم تراعي حينها هواجس المسحيين ولم تكترث لمقاطعتهم الانتخابات النيابية تلت عشرين عاما تمديد كان البطريرك الراحل صفير رأس حربة مقاطعتها بعد إنهاء حالة تمرد العماد عون ذات صباح تشريني قلب موازين المعادلة عسكريا اسقط خطوط تماس الحرب الاهلية وتجاوز معابر تحميها حالة ملشياوية مارستها القوات اللبنانية بما كان يعرف “المنطقة الشرقية” التي تصل حدودها من قلب بيروت حتى حدود محافظة الشمال وصولا لمرتفعات صنين بما فيها من مرافئ ومؤسسات الدولة التي كان يقودها سمير جعجع بمجلسه الحربي وقوات صدمه من الحوض الرابع وصولا لحالات خاض معارك داخلية انقلب فيها على رفاقه قوض دور الأحزاب المسيحية انتهت باصطدم مع الجيش في حرب الإلغاء وما تركت من ويلات على المجتمع المسيحي جرح نازف لم يندمل رغم مرور السنوات كان سببها عدم اقتناع أطراف اليمين المسيحي بالواقع والعيش في برج الامتيازات على حساب بناء الدولة وتطويرها بعيدا عن مظاهر الاستئثار بالسلطة وشبق الحكم وتجيير المؤسسات الرسمية بعلاقة زبائنية على حساب تهميش المجتمع اللبناني التعددي ومكوناته وتهشيم صورة العيش المشترك لحساب الكيدية السياسية وروح الانتقام ولو كلف الانقلاب على الشعارات وخيانة المبادئ وتجاوز عقود من العداء والاتهامات المتبادلة تماهيا مع مشروع دولي يهدف لمحاصرة فريق من الوطن هو بعين عاصفة أميركية تعمل لمحاربته والقضاء عليه لفرض شروطها السياسية المالية الأمنية والعسكرية على لبنان ورسم هويته وطنا خاضعا لاملاءات الهيمنة الغربية وجشع مؤسساتها وتغولها على مقدرات الشعوب
فكل هذا لم يدخل في حسابات قوى لا زالت تعيش وهم الماضي عاجزة ان تكون جزء من عالم مشرفي رغم انها ذاقت طعم الخذلان مرارا وتفردت بسيطرتها الاقتصادية عبر الوكالات الحصرية والمصارف مستفيدة من امتيازات موروثات هي تركة الاستعمار لا زالت تعتبرها حقوق لها رغم وثيقة التوافق الوطني التي اعتمدت في الطائف وعرفت باسمه نصت على إنهاء كل مظاهر الاستئثار خلال عقد من الزمن تبدأ بانتخابات خارج القيد الطائفي وصولا إلى إلغاء هوية المراكز الحكومية والمواقع القيادية والادارية مرورا بمداورة تساوي بين جميع اللبنانيين باعتماد الكفاءة والانتماء الوطني وليس المذهبي فهل هذا كان سبب تقاطع القوى المسيحية باعاة تبني شعارات الانعزال والتقوقغ بعملية انقلاب نفذه جبران باسيل واشترك فيه وليد جنبلاط رغم التباين والخلافات فيما بينهم وحتى مع سمير جعجغ القائد الحقيقي لفريق يعتبره الغرب انه شكل معادلة قادرة على مواجهة حزب الله وتطويعة سياسيا تمهيدا لمحاصرته سياسيا قبل ان تسمح الظروف للانقضاض عليه عسكريا وهذا ما يحضر له الامريكيين وما يحلم به وليد حنبلاط منذ عقود منتظرا ان تمر جثة حزب الله امامه فينهش بها وتبقى بإطار الرغبة التي لن تسمح التوازنات الداخلية بتحقيقهلو وكذلك الخارجية التي لن تعطي هذه القوى المعلبة امريكا بمواد حافظة من المصالح الآنية الا وهم فرض شروطها على حساب الواقع لا بل تؤدي ختما لرسم معادلة جديدة طبقا لصورة الداخل وتوازن القوى تماشيا مع تراجع النفوذ الامريكي خصوصا في منطقتنا ما يضع لبنان امام اعادة رسم مستقبل لبنان بمؤتمر تاسيسي جديد بعد فشل الطائف وتركه في حالة موت سريري حولته المصالح السياسية جيفة عبئ على الوطن وحتى افرقاء الحكم الذين عاشوا بكنفه وتمتعوا بنعيمه
د.محمد هزيمة