*أيقونات الوطن*
*✍️ بقلم علم خيرالله شريف*
يستقبلُكَ بِطَلَّتِهِ البهيَّة وبسمَتِهِ الدافئة المُشرِقَة، وَبدماثَةِ أخلاقِهِ المُفعَمَة بالتواضُعِ والوُد، حتى أنه يُشعِرُكَ أنك عنده أغلا الناس عليه وأحبِّهِم إليه، وأن حديثك هو المُفَضَّل لديه.
يستمعُ إليكَ بكلِّ اهتمام وإنصات، حتى تخال أن ما تقوله هو الكلام الفصل. وعندما يتكلَّم فهو مُكَلَّلٌ بالهدوء والوقار وصدق اللهجة وأدب الحديث. يتوجه إليك بصراحةِ الشفافية وبساطةِ الصدق…
يتكلَّمُ عن الوطن وعن الناس، فتبدو على وجهه تقاسيم الحسرة المتذمِّرة من تقسيمات المحاصصة والطائفية والمذهبية.
عندما تسألهُ مَن أنت؟ يجيبُك بكلِّ فخرٍ واعتزاز: “رجلٌ يُحِبُّ وَطَنَه”. فلا أهمية عنده أن يذكر شهاداته العالية ونجاحاته الوافرة وألمعيته الدامغة.
كثيرون هم الذي يرددون أنهم يحبون وطنهم، ولكنهم قليلون أولئك الذين يعرفون كيف يحبونه، فتراهم ينسونه في أول مفترق طريق، وسرعان ما يظهر ولاؤهم للجنسية أو للدولة أو للأمير أو للملك، أي للجهة التي هم صِغارٌ أمامها ومطأطئون دونها، بعكس ارتفاع أكعابهم أمام شعبهم.
الرئيس دياب لا يسعى إلى زعامة ولا إلى مقعد نيابي ولا إلى منصب، فقط يسعى إلى خدمة وطنه وشعبه، بعد أن تكالب عليهما الجشعون من الأبناء ومن الغرباء.
ما قَبِل بالتكليف إلا لما رأي البلد يغرق ورأى المنقذين يتلكأون. فهب لنجدته بكل ما يستطيع وأكثر ما يستطيع هو التفاني من أجل الوطن ومواطنيه. وأصر على تحمُّل المسؤولية بعد أن تنصل منها المُدَّعون، وتهرَّب منها المُدَلَّلون والمُتَكَبِّرون.
هو لا يسعى إلى ثروة ولا يقبل أن يثرى من باب خدمة الوطن، بل يدفع من جيبه ومن صحته ومن راحته ومن حق عياله عليه، لخدمة شعبه، حتى الجاحدين منهم والشتامين له دون سبب.
تعوَّدَ أن يخرج بعد كل وظيفة رسمية يتبوأها، فقيراً وهو الذي اعتاد أن يعيش غنيّاً عن الناس وفقيراً إلى الله. لأنه يعتبر أن مال الدولة هو مال الناس، وحرامٌ عليه وعلى غيره المس به. نعم هو يخرج أفقر مما كان لأنه لا يعرف إلا العطاء مما يملك، ويحرم على نفسه ما لا يملك.
إنه دولة الرئيس حسان دياب. هو لا يحب المديح، ونحن لسنا من المداحين، وهو لا يحتاج تصفيقاً من أحد، ونحن لسنا من المُصَفقين، لأننا لا نطلب من أحدٍ واسطةً ولا حصان طروادة ليوصلنا إلى أي مكان، بل أكثر من ذلك نحن أعدى أعداء الواسطة البغيضة لأنها عين الفساد.
الرئيس دياب هو نموذج الإنسان المُخلِص والدؤوب الذي يحتاجه لبنان وشعب لبنان، اللذان لا يعرفان كيف يُصِرَّان على الاحتفاظ به وبأمثاله، وعلى استثمار نزاهتهم للاحتفاظ بالوطن لجميع أبنائه.
لا أقول أن الرئيس دياب هو فريد من نوعه، فلبنان مليء بالجواهر المخبأة والمغمورة بالضوضاء والغوغاء وسياسات القطيع، ولكن أقول أنّى لنا كلبنانيين أن نعرف من ننصِّبَ على مصالِحِنا مَن يحفظ الأمانة والخزانة من المهانة والخيانة؟ وأنّى لنا أن نعرفَ كيف نحفظ أيقونات وطننا من الضياع، وأن نكُفَّ عن تسليم رقابنا للذباحين والفاسدين والحمقى والمتسوِّلين باسمنا وعلى نفقتنا؟
الأيقونات في وطننا وفيرة ومنظورة، ولكن أعداءنا يقنعوننا بأن نعمى عن رؤيتها وعن حفظها وصيانتها. والنتيجة هي كما ترون؛ نعمى عن أيقونة المقاومة فنضيع حصانة الوطن، ونعمى عن أيقونة النزاهة فنُسَلِّمَ البلد للفاسدين، ونعمى عن أيقونة العيش المشترك فنتعلق بأذيال الطائفيين، وننصبهم زعماء علينا في حين أنهم لا شأن لهم بالقيادة ولا بالزعامة ولا بإدارة شؤون البلد والناس.
✍️ علي خيرالله شريف